الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم (11)
بقلم: محمد العراس - ليلى العراس
سبب لنفي الفقر وضيق العيش ومظنة الخير
قال أبو نعيم يرفعه، عن سمرة السوائي عن أبيه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: ما أقرب الأعمال إلى الله عز وجل؟ قالصدق الحديث وأداء الأمانة، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: صلاة الليل وصوم الهواجر، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر. قلت: يا رسول الله زدنا، قال: من أمّ قوما فليخفف فإن فيهم الكبير والعليل والضعيف وذا الحاجة). [جلاء الأفهام :252].
وعن حسن، أظنه البصري، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن قرأ القرآن وحمد ربه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقد التمس الخير من مظانه) وأخرجه النميري هكذا وهو في شعب الإيمان للبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مظانه) ومسنده ضعيف. [القول البديع: 130].
سبب لتذكرة العبد ما نسي
ذكره أبو موسى المديني، وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي يرفعه، عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالإذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إن شاء الله) قال الحافظ: وقد ذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان. [جلاء الأفهام:255].
وعن عثمان بن أبي حرب {رضي الله عنه} قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلممن هم بأمر فشاور فيه وفقه الله تعالى لرشد أمره، ومن أراد أن يحدث حديثا فنسيه فليصل علي، فإن{في} صلاته علي خلفا من حديثه، وعسى أن يذكره) رواه ابن بشكوال، وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: من خاف على نفسه النسيان فليكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم. [الصلات:65].
سبب لهداية العبد وحياة قلبه
فأنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورا في قلبه لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصره وقوة معرفته ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم. ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له عليهِ خلاف صلاة العوام عليه، الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم، وأما أتباعه العارفون بسنته العاملون بما جاء به فصلاتهم عليه نوع آخر، فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
وهكذا ذكر الله كلما كان العبد به أعرف وله أطوع وإليه أحب كان ذكره غير ذكر الغافلين واللاهين، وهذا أمر إنما يعلم بالحس لا بالخبر، وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثني عليه بها ويمجده بها، وبين من يذكرها إما آثارا وإما لفظا لا يدري ما معناه لا يطابق فيه قلبه لسانه، كفرق ما بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى، فذكره صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء به وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته بإرساله هو حياة الوجود وروحه كما قيل:
روح المجالس ذكره وحديثه ******* وهدى لكل مـلذد حـيران
وإذا أضل بذكره في مجـلس ******* فأولـئك الأموات في الحيان
[جلاء الأفهام:268-269].
سبب لصحبته صلى الله عليه وسلم ومحبته والصلة الدائمة به
يشير الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي قائلا: '' ولا يفوتنا كما يفوت الكثيرين أن المقصود من الصلاة عليه والتسليم والإكثار منهما هو صحبته ومحبته، فإننا إن أكثرنا من ذكره كما أمرنا أصبحت صورته ومعناه في قلوبنا بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته، نتيجة الصلاة على المحبوب المجتبى صلى الله عليه وسلم وصلتنا الدائمة به''.
حتى لا يكون المجلس حسرة يوم القيامة
قال صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب) والحديث شرحه الإمام محمد بن علي الشوكاني في تحفة الذاكرين وقال: أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان كما قال المصنف رحمه الله، وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أحمد من حديثه. قال المنذري بإسناد صحيح، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن حبان، وأخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن من حديث أبي هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)، وأخرجه الترمذي أيضا من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وقال حديث حسن، وفي هذا الحديث دليل على أن المجلس الذي لم يذكر الله تعالى فيه، ولم يصل على رسوله فيه يكون حسرة يوم القيامة على أهله لما فاتهم من الأجر والثواب وإن دخلوا الجنة للثواب على أعمالهم مع تفضل الله سبحانه عليهم بدخولها فإنه قد فاتهم ما فيه زيادة الدرجات، وكثرة في المثوبات، ولهذا كان عليهم حسرة يوم القيامة: أي بفوات الثواب بترك الذكر والصلاة. [تحفة الذاكرين:31].
وقد روى عبد الله بن إدريس الأودي عن هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:[زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم] ويذكر عن عمر رضي الله عنه.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما اجتمع قوم ثم تفرقوا من غير ذكر الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا على أنثن من جيفة، وفي لفظ: عن أنثن من ريح الجيفة). أخرجه النسائي، وإسناده على شرط مسلم وأبو داود الطيالسي. [الصلات والبشر: 62-63 ].
رائحة طيبة
ذكر ابن الجوزي في البستان ص:346: روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أنهم قالوا:[ما من مجلس يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا نمت له رائحة طيبة حتى تبلغ إلى عنان السماء فتقول الملائكة هذه رائحة مجلس صلي فيه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم] اللهم صل عليه كما تحب أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه. وأنشدوا:
تتعطر الأنفاس ما ذكرت ******* أخباره في المجلس العطر
سبحان باريـه وخالقـه ******* نورا تصور أجمل الصور
المسك منحـدر ببردتـه ******* والوجه منه طلعة القـمر
يا صادقا فيـما يخبـرنا ******* بشهادة الأسماع والنظـر
سبحان من أنشاك من بشر ******* يا سيدا للخلـق والبشـر
القـول تتبعـه شواهـده ******* والخير مقرون مع الخبـر
أنت النبـي بلا مدافعـة ******* والمصطفى من خيرة البُدْرِ
ملائكة يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
روي في درة الواعظين أن النبي صلى الله عليه وسلم قالإن الله تعالى خلق ملائكة بأيديهم أقلام من ذهب وقراطيس من فضة لا يكتبون شيئا إلا الصلاة علي وعلى أهل بيتي)
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالإذا جلس قوم يصلون علي حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون زيدواْ زادكم الله، فإذا استفتحواْ الذكر فتحت لهم أبواب السماء واستجيب لهم الدعاء، وأقبل الله عليهم بوجهه ما لم يخوضواْ في حديث غيره أو يتفرقواْ فإذا تفرقوا انصرف الكتبة يلتمسون حلق الذكر) كذا في فاتق الرتق.
وعن جعفر الصادق رضي الله عنه قال:{إذا كان يوم الخميس عند العصر أهبط الله عز وجل ملائكة من السماء إلى الأرض، ومعها صحائف من فضة، وبأيديها أقلام من ذهب، تكتب الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، في ذلك اليوم وتلك الليلة، ومن الغد إلى غروب الشمس}.
أوتاد المجالس
وفي بستان ابن الجوزي ص:344: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلمإن للمجالس أوتادا، جلساؤهم الملائكة، إذا جلسوا لذكر الله حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء، بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: أكثروا رحمكم الله، فإذا استفتحوا في الذكر فتحت لهم أبواب الجنة، واستجيب لهم الدعاء، وتطلع عليهم الحور العين، وأقبل الله تعالى عليهم بوجهه الكريم، ما لم يخوضوا في حديث غيره ويتفرقوا).
وأنشدوا:
إذا طـيب الناس المجـالس بينهـم ******* مداما وريحانا فذكرك طيبـنا
ولو كانت الدنـيا نصـيبا لأهلـها ******* فحبك من كل الأماني نصيبنا
وإن كان حب الخلق بعضا لبعضهم ******* فأنت من الخلق الجميع حبيبنا
وأنشدوا أيضا:
إن شئت من بعد الصلاة تهتدي ******* صلي على الهادي البشير محمد
يا فوز من صلى عليـه فإنـه ******* يحوي الأماني بالنعيم السرمدي
يا قومنا صلوا عليه تظفـروا ******* بالبشر والعيش الهني الأرغـد
صلوا عليه وارفعوا أصواتكم ******* يغفر لكم في يومكـم قبل الغـد
ويخصكم رب الأنام بفضلـه ******* والفوز بالجنات يـوم الموعـد
صلى عليه الله جـل جلالـه ******* ما لاح في الآفاق نجـم الفرقـد
الثناء الجميل بين أهل السماء والأرض
من فوائد قوله تعالى{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه صلى الله عليه وسلم عنده في الملإ الأعلى بأنه يثني عليه عند ملائكته المقربين، وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهلي العالمين العلوي والسفلي جميعا. [القول البديع:26]. قلت: ومن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وملائكته لقوله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته} الآية:43 من سورة الأحزاب.
قال ابن عطية في معنى صلاة الله على عباده: صلوات الله على عباده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة. وقال أيضا: صلاة الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه ونشره الثناء الجميل عليه.
يتبع
قال أبو نعيم يرفعه، عن سمرة السوائي عن أبيه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: ما أقرب الأعمال إلى الله عز وجل؟ قالصدق الحديث وأداء الأمانة، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: صلاة الليل وصوم الهواجر، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر. قلت: يا رسول الله زدنا، قال: من أمّ قوما فليخفف فإن فيهم الكبير والعليل والضعيف وذا الحاجة). [جلاء الأفهام :252].
وعن حسن، أظنه البصري، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن قرأ القرآن وحمد ربه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقد التمس الخير من مظانه) وأخرجه النميري هكذا وهو في شعب الإيمان للبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مظانه) ومسنده ضعيف. [القول البديع: 130].
سبب لتذكرة العبد ما نسي
ذكره أبو موسى المديني، وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي يرفعه، عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالإذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إن شاء الله) قال الحافظ: وقد ذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان. [جلاء الأفهام:255].
وعن عثمان بن أبي حرب {رضي الله عنه} قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلممن هم بأمر فشاور فيه وفقه الله تعالى لرشد أمره، ومن أراد أن يحدث حديثا فنسيه فليصل علي، فإن{في} صلاته علي خلفا من حديثه، وعسى أن يذكره) رواه ابن بشكوال، وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: من خاف على نفسه النسيان فليكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم. [الصلات:65].
سبب لهداية العبد وحياة قلبه
فأنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورا في قلبه لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصره وقوة معرفته ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم. ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له عليهِ خلاف صلاة العوام عليه، الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم، وأما أتباعه العارفون بسنته العاملون بما جاء به فصلاتهم عليه نوع آخر، فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
وهكذا ذكر الله كلما كان العبد به أعرف وله أطوع وإليه أحب كان ذكره غير ذكر الغافلين واللاهين، وهذا أمر إنما يعلم بالحس لا بالخبر، وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثني عليه بها ويمجده بها، وبين من يذكرها إما آثارا وإما لفظا لا يدري ما معناه لا يطابق فيه قلبه لسانه، كفرق ما بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى، فذكره صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء به وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته بإرساله هو حياة الوجود وروحه كما قيل:
روح المجالس ذكره وحديثه ******* وهدى لكل مـلذد حـيران
وإذا أضل بذكره في مجـلس ******* فأولـئك الأموات في الحيان
[جلاء الأفهام:268-269].
سبب لصحبته صلى الله عليه وسلم ومحبته والصلة الدائمة به
يشير الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي قائلا: '' ولا يفوتنا كما يفوت الكثيرين أن المقصود من الصلاة عليه والتسليم والإكثار منهما هو صحبته ومحبته، فإننا إن أكثرنا من ذكره كما أمرنا أصبحت صورته ومعناه في قلوبنا بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته، نتيجة الصلاة على المحبوب المجتبى صلى الله عليه وسلم وصلتنا الدائمة به''.
حتى لا يكون المجلس حسرة يوم القيامة
قال صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب) والحديث شرحه الإمام محمد بن علي الشوكاني في تحفة الذاكرين وقال: أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان كما قال المصنف رحمه الله، وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أحمد من حديثه. قال المنذري بإسناد صحيح، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن حبان، وأخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن من حديث أبي هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)، وأخرجه الترمذي أيضا من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وقال حديث حسن، وفي هذا الحديث دليل على أن المجلس الذي لم يذكر الله تعالى فيه، ولم يصل على رسوله فيه يكون حسرة يوم القيامة على أهله لما فاتهم من الأجر والثواب وإن دخلوا الجنة للثواب على أعمالهم مع تفضل الله سبحانه عليهم بدخولها فإنه قد فاتهم ما فيه زيادة الدرجات، وكثرة في المثوبات، ولهذا كان عليهم حسرة يوم القيامة: أي بفوات الثواب بترك الذكر والصلاة. [تحفة الذاكرين:31].
وقد روى عبد الله بن إدريس الأودي عن هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:[زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم] ويذكر عن عمر رضي الله عنه.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما اجتمع قوم ثم تفرقوا من غير ذكر الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا على أنثن من جيفة، وفي لفظ: عن أنثن من ريح الجيفة). أخرجه النسائي، وإسناده على شرط مسلم وأبو داود الطيالسي. [الصلات والبشر: 62-63 ].
رائحة طيبة
ذكر ابن الجوزي في البستان ص:346: روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أنهم قالوا:[ما من مجلس يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا نمت له رائحة طيبة حتى تبلغ إلى عنان السماء فتقول الملائكة هذه رائحة مجلس صلي فيه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم] اللهم صل عليه كما تحب أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه. وأنشدوا:
تتعطر الأنفاس ما ذكرت ******* أخباره في المجلس العطر
سبحان باريـه وخالقـه ******* نورا تصور أجمل الصور
المسك منحـدر ببردتـه ******* والوجه منه طلعة القـمر
يا صادقا فيـما يخبـرنا ******* بشهادة الأسماع والنظـر
سبحان من أنشاك من بشر ******* يا سيدا للخلـق والبشـر
القـول تتبعـه شواهـده ******* والخير مقرون مع الخبـر
أنت النبـي بلا مدافعـة ******* والمصطفى من خيرة البُدْرِ
ملائكة يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
روي في درة الواعظين أن النبي صلى الله عليه وسلم قالإن الله تعالى خلق ملائكة بأيديهم أقلام من ذهب وقراطيس من فضة لا يكتبون شيئا إلا الصلاة علي وعلى أهل بيتي)
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالإذا جلس قوم يصلون علي حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون زيدواْ زادكم الله، فإذا استفتحواْ الذكر فتحت لهم أبواب السماء واستجيب لهم الدعاء، وأقبل الله عليهم بوجهه ما لم يخوضواْ في حديث غيره أو يتفرقواْ فإذا تفرقوا انصرف الكتبة يلتمسون حلق الذكر) كذا في فاتق الرتق.
وعن جعفر الصادق رضي الله عنه قال:{إذا كان يوم الخميس عند العصر أهبط الله عز وجل ملائكة من السماء إلى الأرض، ومعها صحائف من فضة، وبأيديها أقلام من ذهب، تكتب الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، في ذلك اليوم وتلك الليلة، ومن الغد إلى غروب الشمس}.
أوتاد المجالس
وفي بستان ابن الجوزي ص:344: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلمإن للمجالس أوتادا، جلساؤهم الملائكة، إذا جلسوا لذكر الله حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء، بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: أكثروا رحمكم الله، فإذا استفتحوا في الذكر فتحت لهم أبواب الجنة، واستجيب لهم الدعاء، وتطلع عليهم الحور العين، وأقبل الله تعالى عليهم بوجهه الكريم، ما لم يخوضوا في حديث غيره ويتفرقوا).
وأنشدوا:
إذا طـيب الناس المجـالس بينهـم ******* مداما وريحانا فذكرك طيبـنا
ولو كانت الدنـيا نصـيبا لأهلـها ******* فحبك من كل الأماني نصيبنا
وإن كان حب الخلق بعضا لبعضهم ******* فأنت من الخلق الجميع حبيبنا
وأنشدوا أيضا:
إن شئت من بعد الصلاة تهتدي ******* صلي على الهادي البشير محمد
يا فوز من صلى عليـه فإنـه ******* يحوي الأماني بالنعيم السرمدي
يا قومنا صلوا عليه تظفـروا ******* بالبشر والعيش الهني الأرغـد
صلوا عليه وارفعوا أصواتكم ******* يغفر لكم في يومكـم قبل الغـد
ويخصكم رب الأنام بفضلـه ******* والفوز بالجنات يـوم الموعـد
صلى عليه الله جـل جلالـه ******* ما لاح في الآفاق نجـم الفرقـد
الثناء الجميل بين أهل السماء والأرض
من فوائد قوله تعالى{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه صلى الله عليه وسلم عنده في الملإ الأعلى بأنه يثني عليه عند ملائكته المقربين، وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهلي العالمين العلوي والسفلي جميعا. [القول البديع:26]. قلت: ومن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وملائكته لقوله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته} الآية:43 من سورة الأحزاب.
قال ابن عطية في معنى صلاة الله على عباده: صلوات الله على عباده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة. وقال أيضا: صلاة الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه ونشره الثناء الجميل عليه.
يتبع