فلسطين |
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (سورة الحجرات، 13) نداء إلى لإسرائيليين ثناء كتابة هذا الكتاب، كان الشرق الأوسط– ولمرة أخرى- مسرحاً للصراع بين إسرائيل والمسلمين. فبينما يقوم الجيش الإسرائيلي بقصف مساكن المدنيين الفلسطينيين بلا رحمة وإطلاق النار على الأطفال ويُحاول تحويل فلسطين إلى مكان لا يطاق، يستهدف بعض الأصوليين الفلسطينين المدنيين من الإسرائيليين ويثيرون بهجماتهم الانتحارية الرعب في قلوب الأطفال والنساء العزل. ما نتمناه- نحن كمسلمين- هو أن تتراجع كراهية كلا الطرفين للآخر وأن يتوقف هدر الدماء وأن يحل السلام في الشرق الأوسط. ونحن نرفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأبرياء؛ كما نرفض انتهاج بعض الأصوليين الفلسطينيين الإرهاب وتفجيرهم للإسرائيليين الأبرياء. وحسب رأينا فإن الشرط الأساسي لإنهاء هذا الصراع وإحلال السلام الحقيقي في الشرق الأوسط هو فهم كلا الطرفين لمعتقداته الفهم الصحيح والمخلص وتطبيقها. والآن يبدو للناظر أن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني هو "حرب دينية" بين اليهود والمسلمين، على الرغم من أنه لا يوجد أي سبب لحصول حرب دينية من هذا النوع. فاليهود والمسلمون يؤمنون بالإله نفسه، ويحبون الأنبياء أنفسهم ويحترمونهم، ويحملون المبادئ الأخلاقية نفسها. فهم ليسوا أعداء لبعضهم البعض؛ بل على العكس من ذلك شركاء في عالم ينتشر فيه الإلحاد ومعاداة الأديان. وبناء على هذه المبادئ، فإننا نوجه النداء التالي إلى الإسرائيليين (وجميع اليهود):
”إن الله القدير يأمر الشعب اليهودي بأن يعيش بسلام مع جميع الناس والشعوب التي تعيش على وجه الأرض. إن واجبنا يسير: لقد عبدنا الله تعالى في كل زمان بتواضع. نحن– كيهود مؤمنين بالتوراة- واجبنا تجاه أي إنسان وأي مجموعة بشرية مستضعفة أن نشعرها بالرحمة وأن نجعلها تشعر بشعورنا هذا نحوها“. إذا استمر الإسرائيليون في معاملة الفلسطينيين كما يعاملونهم الآن فإنهم قد لا يستطيعون أن يواجهوا الله تعالى عندما يحاسبهم على ما فعلوه. أما الفلسطينيون الذين يقتلون المدنيين الإسرائيليين الأبرياء فهم أيضاً قد لا يستطيعون مواجهة الله عند محاسبتهم لهم على جرائمهم. ألا تستدعي مرضاة الله أن يوقف الطرفان هذه العمليات التي تؤدي إلى عنف شيطاني؟ ندعو اليهود إلى التفكير في هذه الحقائق، فالله عز وجل يدعونا– نحن المسلمين واليهود والنصارى- إلى كلمة سواء: قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (سورة آل عمران، 64) أما نحن؛ فنوجه النداء التالي إلى اليهود من أهل الكتاب: بما أنكم تؤمنون بالله وتطيعون وحيه، تعالوا نتحد في " إيمان" مشترك. ولنحب الله خالقنا وربنا، ونتبع أوامره، وندعو الله أن يهدينا الصراط المستقيم. فلنجلب الحب والرحمة والسلام لأنفسنا وللأرض بدلاً من العداء والدموع والدماء. في هذا يكمن حل القضية الفلسطينية وكثير من القضايا والاشتباكات في العالم. تعالوا فلنمض معاً لتحقيق هذا الحل. فالمئات من الأبرياء الذين يُقتلون ويُعذبون كل يوم يذكروننا بأن تحقيق هذا الأمر عاجل لا يحتمل التأخير. كيف تحل القضية الفلسطينية؟ بالإمكان حل القضية الفلسطينية التي أغرقت الشرق الأوسط في حمام دم طوال الخمسين عاماً المنصرمة ضمن مبادئ التسامح والوسطية التي ذكرناها سابقاً. وبالنسبة إلينا، فإن السلام المنشود يجب أن يستند على هذين الشرطين: 1- على إسرائيل أن تنسحب من كافة الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، بما فيها القدس الشرقية، وعليها أن تنهي الاحتلال المستمر منذ ذلك التاريخ. فانسحاب إسرائيل من مقتضيات العدالة الدولية وقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة المتعلقة بالأمر ومفهوم العدالة أيضاً. ويجب الاعتراف بكامل الضفة الغربية وغزة على أنها أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة. 2- القدس الشرقية تحتوي على معابد مهمة للأديان السماوية الثلاث، ويجب تسليمها للإدارة الفلسطينية. ولكن، يجب أن تتمتع هذه المدينة بوضعية خاصة وأن تتحول إلى مدينة سلام ليتمكن فيها أصحاب الأديان الثلاثة من زيارة أماكنهم الدينية والتعبد فيها في جو من السلام والطمأنينة. وعند تحقيق هذين الشرطين يكون الإسرائيليون والفلسطينيون قد اعترفوا بحق الوجود للطرف الآخر، ويكونون قد تقاسموا أراضي فلسطين وتوصلوا إلى حل بخصوص القضية الأكثر إثارة للجدل- وهي وضعية مدينة القدس- بشكل يرضي أصحاب الأديان الثلاثة. في الفصول القادمة من هذا الكتاب، سوف نبحث في القضية الفلسطينية ونحللها من بداية تاريخها إلى يومنا هذا مع المحافظة على وجهة نظرنا هذه التي ذكرناها في السطور السابقة. وما نرجوه هو، أن تنتهي العداوات والأفكار المسبقة والجرائم والمجازر التي استمرت منذ 50 عاماً دون انقطاع وأن يحصل الشعب الفلسطيني المظلوم على الوطن الذي يستحقه الذي يضمن له السلام والأمن والرفاهية، وأن تتخلى إسرائيل عن سياساتها العدوانية الاحتلالية التي أساءت لشعوب المنطقة ولمواطنيها اليهود وأن تنعم بالأمن داخل حدودها المشروعة حتى عام 1967 بالدخول في سلام مع كافة جيرانها. |