وأول نتائج هذا التحكم أن التأنق يذل المرأة ويقتل كبرياءها وأساس هذا الإذلال أن إقامة أسس الأناقة على كثرة الملابس وعلى الحلاقة، يشعر المرأة بأن الجمال هو الشيء الذي ينقصها، لا الشيء الذي تملكه فإذا أرادت أن تكون جميلة وجب عليها أن تكافح في سبيل ذلك، فتعمل ليل نهار في استكمال ذاتها الناقصة.
والمرأة الأنيقة يجب أن تملك ثياباً كثيرة وملحقات لا حصر لها ولا يخفى عليكم أن مؤسسات الأزياء قد عقدت هذه الأشياء تعقيداً مسرفاً فالحرص على أبسط مستوى في هذا يقتضي مالاً كثيراً ومن ثم فإن مبدأ التأنق حين يصبح هو القانون النافذ في المجتمع يحرم نساء الطبقة الفقيرة إن يكن جميلات، وبذلك يصبح الجمال حكراً تملكه الطبقة المرفهة وحدها. وفي ذلك إذلال الفقراء والفتاة والفقيرة، فالتأنق ضرب من الطبقية الاجتماعية!.
وجناية أخرى تجنيها الأناقة المسرفة على الإنسانية تلك هي الجناية على الوقت الذي هو ثروة الأمة أن الأناقة النموذجية التي تدعو إليها مجلات المرأة، تقتضي من الوقت مالا تتسع له الحياة.. فلقد تربصت بهذه المجلات عدة أشهر ذات مرة، وأحصيت مجموعة الأشياء التي تحتاج إليها المرأة لإنجاز الأناقة المثلى، فوجدت الحياة كلها لا تكفي!.
لقد حقروا المرأة بأن جعلوا شعرها النموذجي تعقيداً علمياً لا يحققه إلا الحلاق الذي يهينها بإجلاسها تحت المجفف ساعتين ليصفف شعرها تصفيفاً مصطنعاً! وقد فرضوا عليها الصفافة لبشرتها نصف ساعة كل مساء أو ربع ساعة للأهداب وكذا من الوقت للأظافر! ووقتاً للعناية بالكفين والقدمين. وتمارين رياضية لتنحيف الخصر! وأخرى لمنع تجعدات الوجه، تمارين استرخاء وحمامات بخار.
وكل هذا يأكل وقت المرأة وعقلها، و يبقى منها جانباً للشعور الإنساني، وإنما يحولها إلى دمية أنيقة لا روح لها حركاتها آلية وبسماتها مصطنعة.
إن الوقت الثمين الذي يضيع عند الخياطة كان يمكن أن ينفق في أسباغ الحب على أب شيخ مريض أو زوج مرهق، أو طفل يحتاج إلى التوجيه وبدلاً من أن تذهب الفتاة إلى الحلاق تستطيع أن تطالع كتاباً ينير عقلها. ويهدي روحها وبدلاً من أن تذهب إلى خبير التجميل تستطيع أن تنتمي إلى جمعية تخيط الملابس للاجئين بأن تكسو طفلاً عارياً.